توفي
العالم ألبرت أينشتاين عام 1955م عن عمر يناهز السادسة والسبعين وكانت
وصيته الأخيرة أن يتم الاحتفاظ بمخه من أجل أن تجرى عليه الأبحاث ؛ لمحاولة
الوقوف على سر عبقريته الرياضية والفيزيائية الفذة .
وبالفعل
تم تشريح الجثة بواسطة " د. توماس هارفي " وتم الاحتفاظ بمخ أينشتاين
وبعد فترة من الفحص أعلن هارفي أنه لم يعثر على شيء غير عادي في مخ
أينشتاين ، إلا أن الأمر عاد ليفرض نفسه بقوة في الأوساط العلمية بعد أن
تسارع التقدم في أبحاث المخ ، وبعد أن كشفت التقنيات الحديثة عن وجود
خصائص تميز بالفعل أمخاخ الموهوبين ، عندئذ أعيد فحص مخ أينشتاين بعد مرور
ما يقرب من ربع قرن على وفاته وكان ذلك في جامعة كاليفورنيا حيث تم فحص
أربع قطع ، مأخوذة من مناطق محددة في مخ أينشتاين، وتمت مقارنتها مع أربع
وأربعين قطعة مماثلة من أمخاخ أحد عشر رجلاً ممن ماتوا عن أعمار تقارب عمر
أينشتاين عند وفاته .
ولقد
وجد فريق البحث أن نسب الخلايا المكونة لنسيج المخ عند أينشتاين تختلف عن
نسبتها في الآخرين ، وذلك في منطقتين من المخ معروفتين بمسئوليتهما عن
التخطيط والتحليل والمنطق الرياضي وهي المجالات التي تفوق فيها أينشتاين .
وفي
عام 1999م أعيد فحص أجزاء من مخ أينشتاين للمرة الثالثة في جامعة
ماكماستر بكندا ، وأعلن فريق البحث أن مخ أينشتاين يخلو من جزء من أخدود
معروف يوجد في الأمخاخ العادية ، واعتبر الباحثون أن غياب ذلك الجزء من
الأخدود يمكن أن يكون سبباً في سرعة توصيل المعلومات بين المنطقتين
الواقعتين على جانبي الأخدود في مخ أينشتاين ، فضلا عن أنه أضاف إلى مساحة
هذه المنطقة لتصبح عند أينشتاين أعرض من المألوف بمقدار 15% .
ونشرت
مؤخراً دراسة تحاول إيجاد العلاقة بين وزن المخ وحجم القشرة المخية،
والعبقرية والذكاء ووصفت النتائج مخ أينشتاين بأنه أخف من حيث الوزن – من
مخ الرجل العادي البالغ ، فقد كان وزن مخ أينشتاين حوالي 1230 جراما ،
بينما المعدل الطبيعي لمخ الرجل البالغ 1400 جرام ، مما أعطى انطباعاً أن
وزن المخ وسمك القشرة المخية ليسا هما العامل المحدد للذكاء والعبقرية ،
ولكن كثافة وتركيز الخلايا العصبية وتشابك نهاياتها هو الأكثر تأثيراً ،
وأن مقولة أن فلان " مخه كبير " عندما نريد أن نصفه بالذكاء والعبقرية هي
مقولة زائفة !!
فهل ياترى سنشهد ذلك اليوم الذي يوصي فيه أحد أبنائنا المبدعين أو الموهوبين بالتبرع بمخه !
أبناؤنا أحفاد الحسن بن الهيثم وابن سينا وأبوبكر الرازي والبيروني وعبد الرحمن الخازني ..
فربما أمكننا معرفة المزيد عن ذلك .. وكيف يؤثر تكوين المخ على شخصية الإنسان المبدع والموهوب .
فلله الحمد على هذه الهبة العظيمة .. وسبحان الخالق جلت قدرته .